١١‏/٤‏/٢٠١٠

" جزيرة مغلقة " .. سينما التشويق بالمؤثرات السمعية و البصرية دون الحبكة الدرامية


كتب ـ إيهاب حمدي

سينما التشويق الإثارة هو تيار قوى في السينما الأمريكية له محبيه و محترفية ، و غالبا ما يكون التشويق و الإثارة و الترقب ناتج من قوة الخيوط الدرامية للفيلم و الحبكة المتقنة التي تجعلنا نحن ـ كمشاهدين ـ لا نستطيع مغاردة شاشة العرض قبل أن ينتهي العرض .

احد ابرع المخرجين في هذا المجال هو الامريكى مارتن سكورسيزي الحائز على جائزة أفضل مخرج في مهرجان الأوسكار لعام 2007 عن فيلم المغادرون .

و يمثل فيلم " جزيرة مغلقة " أو " Shutter Island " الذي نحن بصدده الآن التعاون الرابع بين كل من سكورسيزى و الممثل ليوناردو دي كابريو بعد أفلام (عصابات نيويورك) عام 2002 و ( الطيار ) عام 2004 الذي ترشح به الممثل ليوناردو لجائزة أفضل ممثل رئيسي في مهرجان الأوسكار, و (المغادرون) عام 2006 .

سكورسيزى بالرغم من انه برع في التعامل مع أفلام الإثارة و الترقب معتمداً على حبكة درامية قوية تجعل المشاهد يلهث ورائها حتى يصل لنهاية القصة إلا انه في فيلم " جزيرة الغلق " قد اعتمد على مهارته بشكل اساسى في استخدام المؤثرات السمعية و البصرية التي تخلق حالة من الترقب و الإثارة عند المشاهد طوال أحداث الفيلم الذي كلما توغلنا في مشاهدته كلما تأكدنا انه لا شيء يدعو للإثارة سوى بعض المؤثرات السمعية و البصرية وجو العواصف و الأمطار و الرياح .

و يمثل فيلم " جزيرة مغلقة " الذي كتبت السيناريو له " لات كلوجريدس" عن قصة لـ "دينس لين " احد أفلام الطب النفسي أو أفلام المرضى النفسيين حيث تدور أحداث الفيلم كاملة في فترة الحرب الباردة عام 1954 على جزيرة نائية محكمة الغلق بها مستشفى للأمراض النفسية للمساجين الجنائيين حيث ينتقل المارشال الأمريكي تاد دانيلز " ليوناردو دي كابريو " وشريكه الجديد تشاك " مارك روفاييلو، وذلك للتحقيق والتعرف على سر اختفاء مريضة مسجونة خطرة من داخل غرف محكمة الغلق ومحاطة بطاقم هائل من الأطباء .

منذ المشاهد الأولى على تلك الجزيرة حيث الجو المتقلب و السور الشائك المكهرب و طريقة دخول المارشال و رفيقه و تعنت الحرس معهم فضلاً عن الغموض الذي يحيط بشخصية الطبيب النفسي صاحب فكرة تلك المستشفى الدكتور كاولي " بن كينغسلي " و نحن نتوقع أن نشاهد حدثاً مهماً أو مؤامرة ما ستحدث للماراشال و رفيقه .

إلا إننا نظل نترقب في جو الاعاصير و الرياح و الموسيقى التصويرية التي تبعث على التوتر و الترقب حيث لا شيء جديد بعد مرور أكثر من نصف الفيلم سوى مشاهد استجواب المارشال و رفيقه للنزلاء من المرضى النفسيين و بعض الفلاشات باك للمارشال دانيلز يسترجع فيها حوارات مع زوجته المتوفاة في حادث حريق افتعله مجرم خطر و نعرف أن السبب الرئيسي لمجيء المارشال دانيلز إلى الجزيرة هو لتعقب هذا المجرم المجود على نفس تلك الجزيرة و الانتقام منه .

تمر الأحداث بطيئة إلى أن نكتشف أن المريضة التي هربت ليس سوى طبيبة بالمستشفى اكتشفت ما يفعله الدكتور كاولى في المرضى و رفضته حيث يقومون بعمليات غسيل مخل للمرضى لاستخدامهم كجواسيس ومنهم من يموت تحت تأثير تلك العمليات .

يبدأ المارشال بعد كشفه حقيقة ما يحدث داخل الجزيرة في رحلة معرفة من المسئول عن ذلك محاولاً إيقافه

في مفارقه غريبة حيث نرى المارشال الذي شارك في قتل مئات الجنود و الأبرياء مع الجيش الامريكى نراه يحاول الدفاع عن حقوق بعض السجناء الخطرين الذين يتعرضون لعمليات غسيل مخ.

يحاول المخرج و المؤلف عمل بلبلة عند المشاهدين حينما تتم محاولة إيهام المارشال عن طريق الدكتور كاولى انه ـ اى المارشال ـ ليس سوى مريض بالمستشفى من عامان و انه هنا بسبب قتله لزوجته التي قتلت أبنائهم .

و هنا تحدث البلبلة عن المشاهدين و يتسائلون هل الماراشال حقيقي أم هو مجرد مريض فعلاً و لنعرف انه وقع في فخ الجزيرة و انه فعلا مارشال و لكنه عانى من هلاوس بمجرد استرجاع مشهد لقائه بالطبيبة التي قيل أنها مسجونة هاربة و التي أخبرته فيها بكل الحقيقة .

بمجرد أن ينتهي الفيلم يظل المشاهد يسأل نفسه ما هو الرعب و الإثارة في قصة الفيلم ؟ و لماذا هذا التطويل الذي بعث على الملل ؟ و لماذا هذا الإسراف في استخدام المؤثرات السمعية و البصرية فضلاً عن زوايا الكاميرا الضيقة و التصوير الليلي الذي يهىء المشاهد لحالة من الإثارة و الترقب هى بالفعل غير موجودة في القصة أصلا .

الفيلم يصنف ضمن أفلام الدراما و الإثارة مدته (138) دقيقة و متصدر قائمة البوكس أوفيس الأمريكية لأعلى إيرادات عشر أفلام أمريكية حتى الأسبوع الأول من مارس برصيد إيرادات يبلغ 75.5 مليون دولار حققها حتى الأسبوع الثالث من عرضه .


كتبت لجريدة الوطن العمانية

http://www.alwatan.com/index.html


ليست هناك تعليقات: