· تعاطفت مع احتلال العراق و لم تؤيد دعوة كاميرون لعدم غزو الشعوب الغير متحضرة
كتب ـ إيهاب حمدي
ثبت بما لا يدع مجالاً للشك لدى كل المتابعين و المراقبين أن جوائز الأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون السينمائية " الاوسكار " إنما خاضعة و تابعة للسياسة الأمريكية خادمة و مؤيده و داعمة لها فاستمرارا لخدمة تلك الجائزة لتوجهات السياسية الأمريكية جاءت جوائز اوسكار هذا العام .
فقد تم اختيار فيلم " خزانة الألم " للمخرجة الأمريكية " كاثرين بيغلو" كأفضل فيلم مقتنصاً 6 جوائز اوسكار من 9 ترشيحات من بينها جائزة أفضل مخرج وهي المرة الأولى التي تذهب فيها هذه الجائزة إلى مخرجة بعد 82 عاما هي عمر جوائز الأوسكار ، وهو الفيلم الذي يرصد حياة ومعاناة جنود فرقة المفرقعات في القوات الأمريكية المحتلة للعراق .
بينما استبعد فيلم " افاتار " لمخرجة الامريكى " جيمس كاميرون " ـ وهو الفيلم الذي ينتقد بشدة السياسية الأمريكية و تدخلها في حياة الشعوب بدعوى أنها شعوب غير متحضرة ـ من جائزة أفضل فيلم و حصل على ثلاث جوائز فقط من 9 ترشيحات مخيباً أمل الكثيرين من النقاد و صناع السينما و الأكاديميين الذين كانوا يرون انه جدير بالحصول على اكبر عدد من الجوائز فهو الفيلم الذي حقق إيرادات وصلت إلى ملياري دولار داخل و خارج الولايات المتحدة الامريكة .
السينما احد أدوات السياسية الامريكة
تاريخ طويل من التجميل و تحسين صورة أمريكا لدى العالم الخارجي عم طريق القوة الأمريكية الناعمة المتمثلة في الإنتاج السينمائي الامريكى الضخم من الأفلام المسيسة .
فعندما تريد الولايات المتحدة الأمريكية أن تعزز حليفاً أو تجامله أو تمتن العلاقات معه يكون هناك الأفلام التي تمتدحه و تكون هناك جوائز الاوسكار لتلك الأفلام حتى تظل في الذكرة و يتم ترويجها على أوسع نطاق كما حدث مع فيلم " غاندى " الذي حصل على الأوسكار عام 1983 وهو انعكاس لدفء العلاقات الهندية الأمريكية .
و عندما أرادت أمريكا أن تخوض حروباً في العراق و أفغانستان و حروباً على الإرهاب المزعوم في دول العالم الثالث كانت هناك الأفلام التي تقدم فكرة البطل المنقذ الذي يخلص الشعوب من الاستبداد و الديكتاتورية كأفلام القلب الشجاع ، و المصارع و غيرها من الأفلام التي تعضد فكرة وجود منقذ و مخلص للشعوب من طغيان رؤسائها .
كما أنتجت هوليوود أيضا عام 2006 فيلم " أخر ملوك اسكتلندا" والذي عرض شخصية الرئيس الأوغندي الراحل عيدي أمين مؤسس أحد أبرز الديكتاتوريات في القارة الأفريقية بهدف تصوير القارة الأفريقية على أنها ارض الديكتاتوريات والطغيان الأمر الذي يفسر للمشاهد الأمريكي أسباب "الحملة الديمقراطية" ومحاربة الإرهاب التي تقوم بها الإدارة الأمريكية حول العالم ، و قائمة الأفلام السياسية الخادمة لتوجهات السياسية الامركية قائمة طويلة يزداد عددها عاماً بعد عام .
الجنود يعانون و المقاومون إرهابيون
نأتي إلى فيلم "خزانة الألم " الحائز على جائزة أفضل فيلم بالإضافة إلى خمس جوائز أخرى فهو يأتي في وقت زادت فيه حدة الانتقادات داخل أمريكا بشان حرب العراق نتيجة لما يعانية الجنود هناك من خسائر بشرية ومادية كبيرة ، فضلاً عن كشف بطلان حجج غزو العراق التي ساقها الرئيس السابق بوش للشعب الامريكى قبل الغزو .
ومن هنا جاء اختيار " خزانة الألم " لتخفيف حدة الانتقادات فالفيلم يعرض قصص حياتية لجنود أمريكيين في العراق اقرب للواقعية وهم جنود فرقة خبراء المفرقعات الذين يعملون على إزالة المتفجرات التي تضعها المقاومة أمام الدوريات الأمريكية في بغداد .
الفيلم اهتم بالجانب الانسانى و الخوف و المعاناة البشرية التي يتعرض لها الجنود في العراق مؤكداً على أن عمل الجنود الأمريكيين في العراق هو واجب قومي مظهراً صورة الجنود الأمريكيين وهم يتعاملون مع الشعب العراقي على أنهم ملائكة الرحمة أتوا ليخلصوا الشعب من كوارث المتفجرات و الإرهابيين غاضاً الطرف عن حقيقة وحشية جنود أمريكا في العراق و التي ظهرت في فضائح سجن أبو غريب و انتهاكات جنود شركة بلاك ووتر الامركية على الارضى العراقية .
و قد اظهر الفيلم المقاومة العراقية على أنها جماعات إرهابية لا تستهدف سوى الإرهاب و العنف و الدم مركزاً على الحالة الإنسانية للجنود الأمريكيين وكم المعاناة و المخاطرة التي يتعرضون لها في العراق محاولاً استجداء عطف المشاهد على الجنود متناسياً ـ عن عمد ـ الأسباب الحقيقة التي من اجلها يمكث هؤلاء الجنود في العراق .
و تأكيداً لدور الفيلم في محاولة تجميل صورة الجيش الامريكى في العراق جاءت تصريحات مخرجته عقب استلامها جائزة الاوسكار حيث أهدت فوزها إلى القوات الأمريكية المنتشرة في العراق .
" افاتار" و رفض استعمار الشعوب
على الجانب الأخر نجد فيلم " افاتار " الذي لم ينل سوى ثلاث جوائز ليس من بينها جائزة أفضل فيلم بالرغم من إشادة النقاد به وتوقعهم حصوله عليها ، إلا أن العالمين بخفايا تلك الجائزة كانوا مدركين تماما أنها لن تذهب لافاتار الذي يظهر انتقاد واضح لحروب أمريكا الخارجية سواء في العراق أو أفغانستان أو غيرها .
يحكى الفيلم قصة مجند امريكى تابع لشركة أمريكية خاصة تذهب إلى كوكب " باندورا " لاستعماره و إخراج أهله الأصليين قبائل " النافي " فتصمم الشركة مجسمات تشبه السكان الأصليين لمحاولة التعايش معهم، والتخطيط لتهجيرهم والاستيلاء على أرضهم لاستغلالها في استخراج معادن نفيسة لا يعلم قيمتها سكان الكوكب الأصليين .
في محاولة لإسقاط الأوضاع الحالية للعالم و للسياسية الخارجية الأمريكية تحديداً الآخذة في الانتشار و التوغل و الاستعمار خارج حدود الوطن .
هذا المجند بعد أن ينضم لقبائل " النافي " يقع في حب واحدة منهم و يتعايش معهم فيعرف أنهم مواطنون لهم عاداتهم و قيمهم و لهم كل الحق في استغلال أراضيهم بالكيفية التي يشاءون دون تدخل من سكان كوكب الأرض المتمثلين في الشركة الأمريكية الطامعة .
ينقلب المجند على قوات الشركة و يقف في صف قبائل " النافي " و يحاول توحيدها ضد غزو سكان الأرض الذين يرون أن شعب النافي شعب غير متحضر لا يستحق الحياة و ينجح في صد الغزو .
الفيلم يمثل رؤية مغايرة تماماً لفيلم " خزانة الألم " ففي الوقت الذي يتعاطف الأول مع العسكرية الأمريكية ينتقد الثاني بشدة دور تلك العسكرية في استعمار الشعوب حتى لو كانت تلك الشعوب غير متحضرة و لا تعلم قيمة ما تملكه من ثروات .
كما نال الأول " خزانة الألم " من ضمن أحدى جوائزة جائزة أفضل سيناريو أصلى مكتوب للسينما كإشادة بفكرة الفيلم و شخصايته و معالجته الدرامية ، بينما تمثلت جوائز الثاني الثلاث " افاتار " في التصوير والديكور والمؤثرات بصرية ، اى بعيداً عن اى أفكار أو معالجات درامية بالفيلم .
كتبت لجريدة الوطن العمانية
http://www.alwatan.com/index.html
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق