الفيلم يعطى اهمية كبيرة للاحلام فى التاثير على الواقع
كتب ايهاب حمدى
تكمن روعة و جمال فيلم " inception " او " البدابة " فى عبقرية كاتبه ومخرجه البريطانى " كريستوفر فولان " الذى ابدع بشكل واضح فى هذا الفيلم و ليس هذا بجديد عليه فهو صاحب سلسلة افلام باتمان الرائعة ، و التى كان اخرها فيلم " The Dark Knight" الذى عرض منذ عامين و حقق نجاحاً ساحقا| و صنف ضمن افضل الافلام التى انتجتها السينما العالمية .
فى هذا الصيف يقدم لنا كريستوفر فولان تحفة فنية اشبه بمتاهة كبيرة تدور كلها داخل العقل البشرى و يختلط فيها الواقع مع الاحلام و تتقاطع فيها الازمان بشكل يستوجب لمن ريد ان يشاهد هذا الفيلم ان يقدم عليه و هو فى كامل استعداده الزهنى حتى يستطيع متابعة الاحداث و التفاصيل الكثيرة .
لص افكار
يدور الفيلم حول شخصية «دوم كوب» "ليوناردو دي كابريو" وهو لص متخصص فى سرقة افكارمهمة من رجال الاعمال عن طريق الدخول فى احلامهم و استخراج منهم ما يريد معرفته لصالح شخص ما او مؤسسة ما .
حيث يقوم فى الفيلم بمساعدة زميله ارثر " جوزيف ليفيت " بالدخول الى حلم رجل اعمال يابانى يدعى سايتو " كين واتانابي " لمعرفة خططه التوسعية فى مجال عمله الا انه اثناء الحلم يكتشف ذلك رجل الاعمال اليابانى سول و يفشل خطة كوب ولا يتركه بل يعرض عليه العمل لديه و لكن فى مهمة مختلفة عما اعتاد عليه كوب حيث يريد منه ان يدخل فى حلم رجل اعمال شاب وهو روبرت فيشر " سيليان ميرفي " الذى ورث عن ابيه امبراطورية كبيرة فى مجال الطاقة بغرض زرع افكار فى عقل هذا الشاب المتحكم فى تلك الامبراطورية تؤدى الى تفتيتها و تفسح المجال لرجل الاعمال اليابانى للاستحواذ على سوق الطاقة .
و يعرض سايتو على كوب مقابل ذلك ان يعيده الى بلاده الى امريكا عن طريق تخليصه من قضية قتل زوجته مال التى اتهم بقتلها فيوافق كوب على الفور؛ لانه فى اشتياق دائم الى رؤية اولاده الذين تركهم بعد هروبه من امريكا .
التجهيز للمهمة
يبدأ كوب فى التجهيز للمهمة عن طريق اختيار اعضاء فريقه و تدريبهم حيث يبحث عن مهندس معمارى محترف و يحصل على واحدة و يدربها على كيفية تصميم الاحلام التى سيدخلون فيها مع رجل الاعمال الشاب .
و يستمر فى اختيار باقى اعضاء الفريق حتى يتم تجهيزه كاملاً و يتفق كوب مع رجل الاعمال اليابانى على تنفيذ المهمة داخل رحلة طيران سيقوم بها رجل الاعمال الشاب روبرت فيشير من سيدنى الى لوس انجلوس تستغرب عشر ساعات فيرشو رجل الاعمال اليابانى طاقم الطائرة كاملاً و يشترى جميع مقاعد الدرجة التى سيسافر بها روبرت فيشير حتى يتمكن كوب و فريقه من الدخول الى احلام فيشر و زرع فكرة التفتيت حتى يقتنع بها و ذلك كله خلال رحلة الطيران التى تستغرب عشر ساعات .
يعلم كوب بخبرته فى هذا المجال ان زرع فكره فى عقل رجل اصعب بكثير من استخلاص فكره من عقل رجل و لهذا يرسم خطته على جعل الحلم من ثلاث مستويات و تنفيذه من خلال حلم داخل حلم و يحدد كيفية ومتى الاستيقاظ من الحلم الاول ثم الاستيقاظ من الحلم الثانى بعد ان تنهى المهمة .
تنفيذ المهمة
يعتبر هذا الجزء فى الفيلم هو الاصعب فى المتابعة حيث سيتداخل الواقع مع الاحلام و ستتداخل الاحلام فى بعضها و سيحدث تلاعب كبير فى الزمن ففى الحلم الوقت يمر بطىء عنه فى الواقع وفى الحلم الثانى المتفرع من الحلم الاول يكون الوقت اكثر بطئاً وهنا تكمن عبقرية الاخراج و المونتاج بحيث لا تفقدنا تقاطعات الوقت و المكان المتغير من واقع لحلم و من حلم لحلم تركيزنا فى المتابعة و الامساك بخيوط اللعبة .
حيث يدخل كوب و فريقه ورجل الاعمال اليابانى فى حلم فيشير كما كان مخطط له و بعد صراعات كثيرة و مطارادات يستطيع كوب و فريقه زرع الفكره فى فى دماغ فيشير عن طريق اقناعه بانه لابد ان لا يخطوا خطوات ابيه و ان يكون نفسه و ان يبنى مجده الشخصى بنفسه لا على اساس ما قام به والده .
فى هذه الرحلة داخل العقل البشرى لفيشير نتعرف على مال زوجة كوب المتهم بقتلها و التى تطارده فى جميع احلامه حتى يعود اليها حيث انها ماتت منتحرة بعد ان تلاعب كوب باحلامها و دخل فيها و عاشا معاناً فترة كبيرة داخل الحلم و لكنها فى نهاية المطاف انتحرت و تركت خطاباً يدين كوب زوجها فى مقتلها حتى تجبره ان يذهب اليها فى عالم الاحلام و يعيش معها ونعرف ان تلك المشكلة مثلت لديه عقدة الشعور بالذنب طوال احداث الفيلم .
وفى النهاية يوفى رجل الاعمال اليابانى بوعده لكوب ويخرجه من الاتهام بجريمة القتل و يعود كوب الى اطفاله فى امريكا دون ان يسائله احد عن جريمة القتل التى كان متهماً فيها ، مع عدم معرفتنا اذا كان لقاءه بأطفاله هو واقع حقيقى ام مجرد حلم يعيش بداخله كوب .
الفكرة الاساسية للفيلم جديرة بالاحترام فضلا عن دقة و جودة و اتقان التنفيذ المبهر الذى يجعل المشاهد ـ رغم كثرة التداخلات و التقاطعات بين الازمان و الاماكن خاصة فى الجزء الاخير من الفيلم ـ لا يمل بل يجعله متيقظاً منتبهاً ومشدوداً لكل ما يحدث على شاشة العرض .
و لكن يؤخذ على الفيلم تضخيمه لدور الاحلام فى التاثير على حياتنا الواقعية فهى اولا و اخيراً مجرد احلام لا يقتنع اكثرنا بما يحدث له فيها .
الفيلم يصنف ضمن أفلام الاكشن مدته (148 ) دقيقة و هو ضمن قائمة البوكس أوفيس الأمريكية لأعلى إيرادات عشر أفلام أمريكية خلال شهر اغسطس ।
نشرت بجريدة الوطن العمانية على الرابط التالى :
http://www.alwatan.com/graphics/2010/08Aug/25.8/dailyhtml/ashreea.html#13
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق