٢١‏/٥‏/٢٠١٠

"المنطقة الخضراء " يفضح زيف الدعاوى الأمريكية لحرب العراق


· الفيلم يمثل وجهة النظر الرافضة للحرب على العراق ولا يخلوا من إسقاطات مزيفة

· مات ديمون يتساءل لماذا دخلنا فى الحرب ؟ ولا احد يطرح إجابة

كتب ـ إيهاب حمدي

يوميات الحرب على العراق و تداعياتها كانت ولا تزال مادة خصبة للسينما تنسج منها العديد من القصص لأفلام رائعة منها ما هو درامي انسانى ومنها ما هو اكشن حركي وبعضها سياسي يمثل وجهة نظر سياسية لفريق من مبدعي و منتجي السينما في أمريكا .

و قد شاهدنا منذ اقل من شهر تقريبا فوز فيلم " خزانة الألم " بست جوائز اوسكار لعام 2010 منهم جائزة أفضل فيلم سينمائي روائي وهو الفيلم الذي يتحدث عن حرب العراق من خلال رصد لعمل مجموعة من الجنود في فرقة تفكيك القنابل و المفخخات مركز على عناصر المخاطرة و التهديد التي يتعرض لها أفراد الفرقة دون أن يتحدث عن أسباب و تداعيات الغزو و شرعيته

أما هنا في فيلم " green zone" أو " المنطقة الخضراء " فنحن أمام فيلم سياسي يمثل وجهة النظر الرافضة أو المنتقدة لحرب العراق وهو مستوحى من كتاب للصحفي الأمريكي ذا الأصل الهندي راجيف شاندراسكران الذي يحمل عنوان "Imperial Life in the Emerald City" او " حياة إمبريالية في مدينة الزمرد " والفيلم يمثل التعاون الثالث بين المخرج البريطاني بول جرينجراس والممثل الامريكى مات ديمون بعد تعاونهما معا في الجزأين الأخيرين من ثلاثية أفلام الاكشن التي تدور حول العميل السابق للمخابرات الأمريكية الفاقد للذاكرة جايسون بورن.

عالمين متمايزين

يجسد الفيلم عالمين متمايزين الأول العراق بما حدث فيه إبان الغزو الامريكى من فوضى و انفلات أمنى فى جميع انحاء البلاد حيث الكل يسرق و ينهب كل ما يقع تحت يده من أثاث و تحف و أجهزة كهربائية ، فضلا عن تشكيل المجموعات و المليشيات المسلحة من العراقيين بعد قرار حل الجيش العراقي و تسريح منتسيبيه و حل جميع الهيئات و المؤسسات الحكومية فضلا عن الجوع والعطش والبطالة التي أصابت افراد الشعب العراقي .

أما العالم الثاني فهو المنطقة الخضراء تلك البضعة كيلو مترات على ضفاف نهر دجله التي حصنها الجيش الامريكى وبالغ فى تأمينها وحميتها وما فيها من حياة بزخ و رفاهية حيث الويسكى والوجبات الساخنة والفاتنات الأمريكيات وحمامات السباحة لكبار القادة فى الجيش الامريكى والمتعاونين معه .

جندي متمرد

تقوم القصة الأساسية للفيلم على الضابط الامريكى روى ميللر " مات ديمون " وهو ضابط بالفرقة المكلفة بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل الذى يجتهد مع فرقته بالعثور على تلك الاسلحه المزعومة وبعد محاولات فاشلة نتيجة لمعلومات مضلله من الاستخبارات العسكرية الأمريكية يفشل فى العثور على الأسلحة فى ثلاث مواقع فى العراق مما يجعله يتذمر ويبدى غضبه أمام رؤسائه متهما إياهم بالاعتماد على مصادر استخباراتية غير جديرة بالثقة الا انه يفشل فى إقناعهم بذلك ويذهب فى احد مهمات العثور على أسلحة ويعلم من مصدر من سى اى ايه مارتن بروان ان ذلك الموقع ليس به اى أسلحة وان هناك شئ خطا لابد من التعاون بينهم لمعرفته و أثناء تأديته للمهمة يأتيه فريدى " خالد عبد الله " الشاب العراقي ويخبره أن هناك مجموعة من الإرهابيين يجتمعون فى احد المنازل فيقرر الضابط ميللر ان يذهب للقبض عليهم وهناك يتعرف على الراوي " ايجال ناعور " القيادي البعثة السابق المطلوب لدى الاستخبارات العسكرية الأمريكية .

يصطدم ميللر مع مسئول الاستخبارات العسكرية فى العراق بندستون " غريغ كينير "صاحب معلومات أسلحة الدمار الشامل التى كانت السبب فى غزو العراق من مصدره العراقي ماجلان و يكتشف ان شخصية الراوي هى نفسها شخصية ماجلان التى اعتمدت عليه الاستخبارات العسكرية الأمريكية للتأكيد على وجود أسلحة دمار شامل بالعراق مما يجعله يعمل على القبض عليه وتقديمه للمسئولين حتى تنكشف الحقيقة وتنتهي الحرب على العراق إلا انه يفشل فى القبض عليه ويموت الراوي او ماجلان أثناء مطاردته بعد ان يعترف لميللر انه اخبر الاستخبارات العسكرية الأمريكية انه لا توجد أسلحة دمار شامل بالعراق في لقاء جمعه وإياهم بالأردن .

صحافه متؤاطئة

يشير الفيلم الى الدور المضلل الذي لعبته الصحافة الأمريكية خلال الحرب على العراق من خلال شخصية الصحفية الأمريكية لوري " أيمي رايان " بجريده وول ستريت جورنال الأمريكية التي اعتمدت فى تقاريرها الصحفية التى كتبتها وأكدت فيها وجود أسلحة دمار شامل فى العراق على بعض المسئولين الأمريكيين ومنهم مسئول وحدة الاستخبارات العسكرية بالعراق بندستون دون ان تحقق او تبذل مجهود لمعرفة الحقيقة فضلا عن إشارة الفيلم الى دور الاستخبارات العسكرية فى نشر تقارير صحفيه فى عدد من الصحف الدولية لتبرير الحرب على العراق .

إسقاطات مزيفة

يحاول الفيلم الإيحاء بان الاستخبارات العسكرية الأمريكية هى المسئولة الأولى والأخيرة عن المعلومات المضللة عن أسلحة الدمار الشامل والتي بناء عليها تم اتخاذ قرار الحرب مظهرا صراع بينها وبين وكالة الاستخبارات الأمريكية " السى اى ايه " التى مثلها الضابط مارتن بروان الذي تعاون مع ميللر دون الإشارة الى ضلوع مؤسسة الرئاسة الأمريكية نفسها فى تلك الحرب بما كان يزعمه الرئيس بوش بأنها حرب مقدسة خاضتها أمريكا بأوامر مباشرة من الرب .

و لا يخلو الفيلم من الإسقاطات المزيفة التي اشتهرت بها أفلام هوليوود منها تصوير المقاومة العراقية على انه إرهاب ومنها تصوير العراقيين أنفسهم سواء المقاومين منهم او المتعاونين مع الاحتلال على أنهم أشخاص لا يستطيعون التفاهم لحل مشكلاتهم الداخلية بهدوء دون عنف ففى مشهدين بالفيلم ظهر فيهما العراقيين معا كانوا يتشاجرون ويلقون الاتهامات على بعضهم بالخيانة والعمالة سواء المتعاونين مع الاحتلال او المقاومين .

كما صور الفيلم أيضا قدرة الضباط الأمريكان على مخالفة الأوامر سعيا وراء الحقيقة من خلال شخصية الضابط ميللر وهو ما لا يحدث على ارض الواقع حيث الصرامة فى تنفيذ الأوامر والتكليفات .

يحسب للفيلم تعاطفه العام مع الشعب العراقي وانتقاده المباشر للحرب على العراق من خلال شخصيه ميللر الذي ظل يتساءل عن جدوى وجود القوات الأمريكية بالعراق بالرغم من عدم وجود أسلحة دمار شامل دون ان يجيبه احد .

كما أشار الفيلم إلى المعاناة التي يعانيها الشعب العراقي ومدى التعذيب الذي يلاقيه المعتقلون العراقيون فى السجون الأمريكية .

الفيلم يصنف ضمن أفلام الاكشن و الدراما و الحروب مدته (115) دقيقة و متصدر خامس قائمة البوكس أوفيس الأمريكية لأعلى إيرادات عشر أفلام أمريكية حتى الأسبوع الأخير من مارس برصيد إيرادات يبلغ 24.9مليون دولار حققها خلال اقل من أسبوعين من عرضه .

كتبت لجريدة الوطن العمانية

http://www.alwatan.com/index.html

ليست هناك تعليقات: