كتب ـ ايهاب حمدى
استمراراً لمسلسل المتاجرة بقضية العشوائيات في السينما المصرية يأتي فيلم خالد يوسف الجديد " كلمني شكراً " ليكمل الثلاثية العشوائية لخالد يوسف التي بدئها بفيلم " هي فوضى " بالاشتراك مع ا الراحل يوسف شاهين ثم فيلم " حين ميسرة " و أخيرا فيلم " كلمني شكراً " كان بينهم فيلم " دكان شحاتة " الذي كان بمثابة استراحة من سينما العشوائيات لخالد يوسف .
خالد يوسف المخرج الناصري الذي يعتبر نفسه الفنان المثقف يقدم اليوم وجبة سينمائية ضعيفة المستوى الفني شابها الكثير من الابتذال و الاستخفاف بأشياء كثيرة أهمها قضية التدين الظاهر و إطلاق اللحى و مهاجمة بعض الفضائيات لمصر كما جاء بالفيلم .
يتناول الفيلم الذي كتب قصته الممثل عمرو سعد و كتب له السيناريو و الحوار سيد فؤاد قصة شاب مصري نصف متعلم يحلم بالتمثيل و الشهرة وهو الممثل عمرو عبد الجليل أو " إبراهيم توشكا " الشاب العشوائي الذي يقطن في العشوائيات و يجرى خلف حلم التمثيل و الشهرة فيوقعه حلمه هذا في أن يمثل في برامج تسجيلية تهدف إلى تشويه سمعة مصر خارجياً وهو لا يدرى الا انه يستمر في التمثيل المأجور طلبا للفرصة بالإضافة إلى سعيه الدائم للتكسب في حارته من اى شيء ولو بالغش و النصب كما فعل في المتاجرة بخطوط التليفون المضروبة ووصلات الدش .
يحب ابراهيم توشكا " عبلة " الفتاة التي تمثل الاحترام و بيت الأصول في الحارة و يخطبها إلا انه كان على علاقة غير شرعية " بفتاة أخرى مومس وهى غادة عبد الرازق في دور " أشجان " و ينتج عن هذه العلاقة طفل لا يعترف به ابراهيم توشكا إلا في نهاية الأحداث و بعد أن تنفصل عنه خطيبته التي يحبها " عبلة " بعد معرفتها بأمر الطفل الغير شرعي له و إنكاره له .
لا توجد بالفيلم خطوط درامية مكتملة ناضجة و لكن هناك مواقف و احدث سرعان ما تنتهي سريعاً كالفتاة محترفة الاستعراض على كاميرا الانترنت مقابل كروت شحن تبيعهم لصاحب محل اتصالات بالحارة فتقع فى براثن شاب مصري مهاجر يقنعها بالزواج و السفر إلى الخارج و ذلك كله عبر التحدث عبر الماسنجر و الويب كام إلا أنها بعدما تسافر تكتشف أنها وقعت في شبكة دعارة عالمية فتعود أدراجها .
أكد صناع الفيلم إننا بصدد فيلم كوميدى يرسم البسمة على شفاة الجمهور دون ابتذال أو إسفاف وهو ما لم يحدث طوال أحداث الفيلم فالسيناريو ضعيف فنياً وكوميديا الفيلم عبارة عن افيهات يلقيها البطل و مجموعة من الاسكتشات لا تؤسس عملاً كوميدياً عميق .
أما الملابس فكانت مبتزله فأشجان أو غادة عبد الرازق لا تكاد تراها في مشهد داخلي أو خارجي ليل أو نهار إلا وهى ترتدي ملابس تظهر أكثر مما تخفى و مبرر أنها في الأصل مومس غير مجدي فمن غير المقبول أن تظهر المومس نهاراً في حارة شعبية مصرية بملابس كهذه إلا إذا كنا نصور حارة في لاس فيجاس في أميركا .
و إذا تحدثنا عن مستوى الحوار و العبارات سنجد الفيلم مليء بالافيهات و الاحياءات الجنسية الغير مقبولة أخلاقيا مما يدل على عدم تمكن المؤلف من كتابة مواقف كوميدية ينتزع بها ضحكات و ابتسامات الجمهور فلجأ إلى الأمر السهل و هو الافيهات المفتعلة .
أيضا من غير المقبول أن تظهر الشخصيات في الفيلم كلها مشوهة تحاول أن تتكسب بأي شكل ولو بالحرام عن طريق النصب و التحايل فهذا صاحب الفرن البلدي الذي يبيع الدقيق المدعوم في السوق السوداء وهو أيضا مدعى تدين و مطلق للحية و حينما يسأل عن اللحية يجيب بأنها تجارة و أكل عيش مبرراً قوله بأنها تجعل من يراك بها لأول مرة واثقاً فيك معتقداً انك متدين .
كما نرى أيضا توشكا نفسه كل مشروعاته عبارة عن نصب على الحكومة و الشركات سواء استخدام خطوط الموبايل المفتوحة و عدم تسديد الفواتير أو عمل شبكة دش للقنوات المشفرة أو حتى تمثيله الذي يصب في غير صالح البلد كما يوضح الفيلم .
أيضا نرى " أشجان " في دور مومس و أختها " فجر" التي تتكسب من استعراض جسدها عبر كاميرا الويب مقابل كروت شحت موبايل يشتريها منها صاحب محل اتصالات بثلثي القيمة و يحثها على جلب المزيد .
فالمجتمع الذي يقدمه خالد يوسف في الفيلم مجتمع مشوه منحل لا يعطى اهتماماً للقيمة أو المشروع و الحلال فالعلاقات الغير شرعية فيه كثيرة و طرق النصب و التحايل لا يستهجنها احد وهو ما يخالف الواقع إلى حد بعيد ، و لا أتجاوز إن قلت انه إذا اتهم احدهم خالد يوسف بالعمل على الإساءة إلى سمعة مصر من خلال هذا العمل لا استنكر اتهامه .
ثم نأتي إلى إقحام الإعلان و الدعاية المباشرة لأحد شركات الموبايل لمصر التي يمتلكها احد رجال الأعمال المصريين عن طريق ذكر اسمه على لسان البطل في أكثر من موضوع وفى غير مناسبة اللهم إلا الدعاية له و لشركة محموله و كأن خالد يوسف انقلب على مبادئة الناصرية ومحاربة الرأسمالية المتغولة و اصبح يخرج أفلام دعائية لأقطاب الرأسمالية في مصر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق